مغالطة طباعة النقود: لماذا لا تستطيع الدول ببساطة طباعة طريقها إلى الثروة

هل تساءلت يومًا لماذا لا تقوم البلدان المثقلة بالديون بتشغيل المطبعة؟ لقد فكرت في ذلك كثيرًا، والإجابة ليست بسيطة كما قد تظن. دعني آخذك في رحلتي الشخصية لفهم هذا اللغز الاقتصادي.

عندما فكرت لأول مرة في هذا السؤال، اعتقدت بسذاجة: "إذا كانت أمريكا تمتلك طابعة نقود، فلماذا الاقتراض من الآخرين؟" ثم تذكرت زيمبابوي الفقيرة. لم تنجح تجربتهم في طباعة النقود بلا حدود! في لحظة، كنت تستطيع شراء الخبز بدولار زيمبابوي واحد، وفي اللحظة التالية كنت بحاجة إلى شاحنة مليئة بالنقود من أجل نفس الرغيف. يا لها من كارثة.

المشكلة الحقيقية هنا: الدول لا تقترض أموالًا عادية - بل تقترض دولارات. ولماذا الدولارات؟ لأنها لا تستطيع طباعتها بنفسها!

بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح عالمنا مترابطًا بطرق غير مسبوقة. اعتبر البلدان كعائلات في قرية عالمية. الأسرة الأمريكية تنتج وسائل منع الحمل، والأسرة الروسية تصنع المنجل، والأسرة الصينية تخيط الملابس، والألمان يبنون السيارات، والفرنسيون يصنعون العطور، والفيتناميون يزرعون الأرز.

الجميع يحتاج شيئًا من شخص آخر. لكن ماذا نستخدم كوسيلة للتبادل؟ الذهب؟ ثقيل جدًا وغير عملي! النقود الورقية؟ فقط إذا كان الجميع يثق بها.

وهنا تدخلت الأسرة الأمريكية، كونها الأغنى والأقوى، قائلة: "Hey، استخدم دولاراتي! إنها مدعومة بالذهب!" واتفق الجميع لأنهم وثقوا في قوة أمريكا.

هذا خلق وضعًا حيث تحتاج الدول إلى الدولارات للتجارة الدولية. لا دولارات؟ لا واردات. لا يمكنك صنع كل شيء بنفسك؟ إذن ستحتاج إلى اقتراض الدولارات.

أجد أنه من المثير للاهتمام - وشيء مزعج قليلاً - أن دولة يمكنها طباعة عملتها الخاصة لكنها لا تستطيع استخدامها دولياً. "قيمة" المال ليست مطلقة؛ بل يتم تحديدها من خلال العرض والطلب، تماماً مثل البيض في السوق.

عندما بدأ موجابي في طباعة النقود لدفع مستحقات المحاربين القدامى في عام 1997، انهارت اقتصاد زيمبابوي بشكل مذهل. من كونها واحدة من أقوى اقتصادات إفريقيا مع ناطحات السحاب التي جعلت شنغهاي تغار، انحدرت إلى معدلات تضخم تصل حرفياً إلى تريليونات في المئة! كان الناس يجرون عربات من النقود لشراء الخبز. يا لها من نكتة!

حتى أمريكا لا يمكنها طباعة أموال غير محدودة دون عواقب. بالتأكيد، لديهم ميزة فريدة لأن الدولار يُستخدم عالميًا، مما ينشر التأثير التضخمي حول العالم من خلال ما يسمونه بشكل ملطف "التخفيف الكمي". لكن حتى هم يجب أن يبقوا ضمن حدود لن تؤدي إلى انهيار الثقة العالمية.

الحقيقة هي أن طباعة الأموال لا تخلق الثروة - بل تعيد توزيعها فقط، وغالباً ما تؤدي إلى تضخم مدمر. لهذا السبب، على الرغم من أن الولايات المتحدة العظيمة تتحكم في العملة العالمية، إلا أنها لا تزال غارقة في الديون.

المال هو مجرد ورق بصور فاخرة ما لم يكن يمثل الناتج الاقتصادي الفعلي. هذه هي الحقيقة القاسية التي لا يمكن لأي مطبعة تغييرها، بغض النظر عن مدى إغراء ذلك.