البلوكتشين : التقنية الأساسية وراء الثورة الرقمية

صراحةً، أنا أحب وأكره هذه التقنية المسماة البلوكتشين. من ناحية، هي حقاً أكثر الابتكارات ثورية منذ الإنترنت؛ ومن ناحية أخرى، هذا المجال مليء بالكثير من الضغوطات والدعاية المبالغ فيها. كوني شخصاً عايش تقلبات سوق العملات الرقمية، دعني أشرح من وجهة نظري ما هو البلوكتشين.

البلوكتشين في جوهرها هي دفتر أستاذ رقمي لامركزي، لكن الأمر الرائع حقًا هو أنه لا يمكن لأحد التحكم بها. تخيل نظامًا بدون مدير مركزي، ولكنه يسمح للغرباء في جميع أنحاء العالم بالثقة ببعضهم البعض، هذا مذهل حقًا! كلما حدثت صفقة، يتم تجميع البيانات في "كتلة"، ثم يتم ربطها بالكتلة السابقة من خلال تشفير معقد، لتشكيل سلسلة بيانات غير قابلة للتغيير.

أتذكر أنه في سوق الثور المجنون في عام 2017، كان الجميع يتحدث عن البيتكوين والبلوكتشين. في ذلك الوقت كان حتى الحلاق المجاور لي يسألني أي عملة يجب أن يستثمر فيها! لكن الكثير من الناس لا يدركون أن البيتكوين هو فقط التطبيق الأول للبلوكتشين، وأن تقنية البلوكتشين نفسها أكثر قيمة بكثير من العملات الرقمية.

تطور الابلوتشين في الواقع مثير للاهتمام. في عام 2008، نشر الشخص الغامض الذي يدعي أنه ساتوشي ناكاموتو ورقة البيتكوين البيضاء، وكان ذلك واضحًا أنه رد على الأزمة المالية في ذلك الوقت. حتى أن الكتلة الأولى من البيتكوين تضمنت عنوانًا من صحيفة التايمز: "وزير المالية يواجه أزمة إنقاذ ثانية" - وهذا في الأساس سخرية من النظام المصرفي!

لا بد من القول إن ظهور الإيثيريوم قد غيّر قواعد اللعبة حقًا. لقد أدخلت العقود الذكية، مما جعل البلوكتشين ليس مجرد دفتر حسابات، بل قادرًا على تنفيذ مجموعة متنوعة من البرامج. إنه مثل تحويل دفتر ملاحظات إلى جهاز كمبيوتر كامل الوظائف! لكن لا تدعك تلك المصطلحات التسويقية تخدعك، فالعقود "الذكية" ليست ذكية على الإطلاق، إنها مجرد برامج تنفذ تلقائيًا تحت شروط محددة.

صحيح أن تقنية البلوكتشين تواجه تحديات كبيرة. قدرة معالجة البيتكوين البطيئة تصل إلى 7 معاملات فقط في الثانية، بينما يمكن لفيسا معالجة 65,000 معاملة بسهولة! ناهيك عن أن طاقة التعدين للبيتكوين تتجاوز تلك المستخدمة في باكستان بأسرها، وهذا الهدر للطاقة غير مقبول على الإطلاق.

وما تلك المشاريع "اللامركزية" التي يسيطر عليها في الواقع عدد قليل من المطورين أو المؤسسات، ما الفرق الجوهري بينها وبين الأنظمة المركزية التقليدية؟ أنا كثيراً ما أشك في ما إذا كنا بحاجة فعلاً إلى البلوكتشين لحل هذه المشاكل؟ أم أن ذلك فقط لأن الكلمة تبدو رائعة؟

ومع ذلك، يجب أن أعترف أن البلوكتشين لديه بالفعل إمكانيات هائلة في بعض المجالات. إدارة سلسلة التوريد، معاملات العقارات، السجلات الطبية - هذه السيناريوهات التي تتضمن التعاون بين عدة أطراف وضرورة عدم تغيير البيانات، قد يكون للبلوكتشين القدرة على إحداث تغييرات ثورية.

بالنسبة للمبتدئين، أوصي بعدم التسرع في الاستثمار. ابدأ بفهم الأساسيات، وحاول إنشاء محفظة تشفير، وتحقق من بعض المعاملات على مستعرض البلوكتشين. بهذه الطريقة، ستتمكن من تجربة هذه التقنية بنفسك، بدلاً من مجرد الاستماع إلى الآخرين يتفاخرون بمدى عظمتها.

تتطور تقنية البلوكتشين بسرعة، من سجلات المعاملات البسيطة إلى أنظمة التطبيقات المعقدة. على الرغم من أنه قد لا يتمكن من تحقيق رؤية اليوتوبيا التي وعد بها الجميع، إلا أنه بالفعل يغير فهمنا للثقة الرقمية. تمامًا كما كان الحال مع الإنترنت في أوائل التسعينيات، قد نكون الآن قد رأينا فقط قمة جبل الجليد لإمكانات البلوكتشين.